top of page

فين الصفقـات يا خطيب؟

 الخطيب - خارج حدود الادب.jpg

سامح مبروك يكتب: "فين الصفقات يا خطيب؟" من سلسلة خارج حدود الأدب.

سيفون سبورت

 

وفي عام ٢٠٠٩ في أثناء التصفيات الأفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم ٢٠١٠، وإثر تنافس منتخبي مصر والجزائر على بطاقة التأهل، نشر أحد مستخدمي المنتديات الإلكترونية المصرية خبرًا أن الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت نيكولا ساركوزي قد صرح «أنه يصلي كل يوم حتى لا يتأهل المنتخب الجزائري للمونديال، لكي يحافظ على نظافة شوارع باريس من الفوضى التي قد تخلفها الجالية الجزائرية»، وكتب أن مصدر هذا الخبر صحيفة "سيفون سبورت".

 

وسرعان ما تناقلت الصحف والمواقع العربية والعالمية ذلك الخبر لدرجة أنه أثار حالة من التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وفرنسا أدت الي مطالبة السفير الفرنسي بالجزائر الي طلب تحقيق رسمي حول الواقعة.

 

ولو أنهم فقط يعلمون معنى كلمة "سيفون" في العامية المصرية، لما هاجت الدنيا وماجت لهكذا تصريح، والذي تحول فيما بعد ليصبح فضيحة إعلامية سميت بـ «فضيحة سيفون سبورت» بسبب عدم الدقة والمهنية الصحفية في نقل الأخبار.

 

كاميرا وباقة

 

ويبدو أنه مع ذلك التطور المرعب في وسائل التواصل الاجتماعي أن السيفون قد أصبح أسلوب حياة، فبكاميرا الهاتف وباقة الأنترنت أصبح بمقدور كل من هب ودب أن ينشر ما يشاء بدون رقيب على فضاء وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة، حتى أصبحت كالمراحيض العامة، يقضي فيها هؤلاء ممن يسمون "يوتيوبرز" أو "منتجي المحتوى" حاجاتهم بلا خجل.

 

ولعل كرة القدم بذلك الشغف وتلك اللهفة التي يتلقى بها عشاقها وما أكثرهم أخبارها، أصبحت متنفس لهؤلاء لنشر أكاذيبهم، وجني الأرباح من ورائها، فيخرج كل منهم في اليوم عديد المرات من على كنبته الوثيرة وإلى جوار مروحته المزعجة، ليفتتح أكاذيبه بالصلاة والسلام على رسول الله، ثم الدعاء والكثير من الابتهالات والتواشيح، التي تكاد من المبالغة تعتقد أنك ستسمع لحديث ديني شيق يخلج القلوب، وسريعًا ما تحتد نبرته يأمر متابعيه بـ "اللايك والشير والسبسكرايب وتفعيل الجرس" وكأنها الصلوات والقرابين التي ستدخلك جنته المزعومة، ومن ثم يبدأ في نفث إفكه.

 

سوق الرقيق

  

وتجد العلامة الفهامة، وحيد عصره، والعالِم ببواطن الأمور، بتحدث عن اللاعبين وكأنه في سوق الرقيق، يبيع هذا ويشتري ذاك، ويتكلم عن ملايين الدولارات كأنها حفنة من الجنيهات يخلو منها بالتأكيد جيبه المفلس أكثر من عقله، فترى نادي مثل النادي الأهلي وهو الأعرق والأكثر نجاحًا في أفريقيا، يتهاوى وقد باع كل لاعبيه مجانًا، وأن إدارته الفاشلة بالتأكيد -كما يزعم ذلك الفذ- قد عجزت عن دفع فقط أربعة أو خمسة ملايين من الدولارات في هذا المدافع أو ذاك المهاجم، وكأنه ينفق ويتبرع بتلك الدولارات من حر ماله -لا داعي لاستدعاء مزحة الفنان محمد هنيدي الآن- وينطلق في تأكيد التعاقد مع هذا التونسي وابتعاد هذا المغربي والمفاوضات الساخنة مع هذا الأفريقي والمصدر الوحيد وراء كل هذا الهراء بالتأكيد هو "سيفون سبورت".

 

وفي الكواليس، ليس بعيدًا عن الأعين، بل على نفس صفحات التواصل التي يحتلونها، تجد أحدهم لخلاف ما قد فضح الآخر، بالتورط في عمولات وسمسرة غير شريفة، والزج ببضعة أسماء للتربح من ورائها، والضغط على الإدارات من أجل عمولة منشودة أو تسويق لاعب لصالح وكيل ما وجني السمسرة.

 

وللأسف لا يشد العامة السيفون فوق تلك الشائعات بل يصدقونها، ويروجون لها أيضًا، لتصبح واحدة من أنجح الإدارات الرياضية في العالم العربي فاشلة ومقصرة وبخيلة، لينادي الناس على صفحات التواصل "فين الصفقات يا خطيب؟" في حالة بلا شك قد صارت خارج حدود الأدب.

logo%20samih%20mabrok2.png
  • White LinkedIn Icon
  • White Facebook Icon
  • White Twitter Icon
  • White Instagram Icon
bottom of page